بين ضروريات الحياة وكماليّاتها يحتاج الإنسان في لبنان أن يفكّر مرّتين، وبين راتبه ومجموع المصاريف يحتاج أحياناً أن يختار بين العيش برغد أو في حسابات أوّلية على مبدأ أن يواكب التطور التكنولوجي والإجتماعي عامة.
غلاء في المعيشة، ضرائب في تزايد مستمرّ، حد أدنى للأجور قد يكون الأدنى عالميّاً نسبة الى الخدمات المقدمة له من قبل الدولة.
فعلى اللبنانيّ ان يدفع فاتورة الكهرباء مرّتين، أن يشتري الماء مرّتين، وأن يسدّد ضرائبه البلديّة فيرى أن الطرقات مليئة بالحفر ليعود فيتكلّف على إصلاح سيارته كي تكون صالحة للسير بعد المعاينة المكانيكية.
ثلث الراتب محذوف منه لصالح سند ما "غالباً ما يكون قسط سيارة " أو قرض شخصي بالإضافة الى فاتورة الخلوي والإنترنت الذي يسمح لنا بالتواصل على مدار الساعة بكلفة محددة وبالتّالي تقليص كلفة الإتصالات، هكذا الّلبناني وهذاهو قدره.
والشّغل الشّاغل هو ثمن سعر صفيحة البنزين الذي يقارب شهرياً حوالي 15% من قيمة الراتب طبعاً فالكل بحاجة الى التنقل بسيارته لغياب النقل العام المشترك المنظم. تقريباً وصلنا الى مستوى النصف أي 50% من إجمالي الراتب ناهيك عن شراء الملابس والأحذية، "لازم يكونو عالموضة" طبعاً، فاللبناني "ستايليش" ولا يرضى الا بالماركات العالمية، مع العلم بأن أكثرها بات مقلداً. فضلاُ عن كلفة الإستشفاء إذا احتاج المواطن للطبيب، "ولا يخلو الأمر".
نضيف الى ذلك أن اللبنانيّ يحب الحياة خاصةً الليلية منها، فيخصص حوالي ربع دخله لعيش هذه الملذّات على أكمل وجوهها فهذا كلّه من أساسيات الحياة في لبنان وجدول شهريّ لا يمكن حذف أي شيئ منه.
نأتي الى الكماليّات، حيث أصبح غير ما ورد هوغير ضروريّ مثل الحياة الإجتماعيّة والعائليّة، فباتت الزيارات في المناسبات لأن المجتمع اللبنانيّ بات يغوص في الإنشغالات والعمل ولا شيئ سوى العمل، فهناك من يبحث عن عمل إضافي لتحسين وضعه المالي (يقولون لتحسين الوضع الإجتماعي)، فمن يقوم بكلّ ذلك التواصل الإجتماعيّ ليس بحاجة لتحسين وضعه إنما هو في أمس الحاجة لتأمين مبلغ ثابت يدّخره للآخرة فيتبع المثل "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود".