دفع النزاع المطوَّل في سوريا بأعداد هائلة من السوريين إلى اللجوء إلى لبنان، الأمر الذي أسفر عن تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية حادة في البلاد. ولذلك يجب أن تتوصّل الدولة بسرعة وفعالية إلى حلّ للتخفيف من حدّة هذه الأزمة.
يتوزع اللاجئون السوريون المسجلون من قبل المفوضية العليا للاجئين والبالغ عددهم 600 ألف لاجئ تقريباً على نحو 1200 نقطة في جميع المحافظات، مع أرجحية واضحة في البقاع والشمال، مما أدى إلى ارتفاع عدد السكان في العديد من البلدات والقرى إلى أكثر من الضعف.

إلا أن الحكومة اللبنانية تقدر عددهم بمليون ونصف المليون، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني، وهذا يعني على سبيل المثال، أن بلد كفرنسا، يستقبل 15 مليون لاجئ بالمقارنة مع عدد السكان. إنها مأساة أولاً، للنازحين السوريين، الذين خسروا منازلهم وبعض أفراد عائلاتهم، ولجأوا إلى لبنان الذي خبر أهله لعقود طويلة هذه المعاناة، وهم يعيشون حالياً معنا في بلد يعاني من انقسام سياسي وأزمة اقتصادية اجتماعية وأمنية تنعكس على النازحين السوريين في مختلف أبعادها، وما ينطوي على ذلك من ارتفاع مستوى المخاطر على المعيشة وسوق العمل والبنى التحتية والخدمات العامة.فبالإضافة إلى التضامن مع النازحين في مأساتهم لا بد من توجيه تحية إلى الشعب اللبناني لحسن استقبال النازحين، والتي كان قد سلفها سابقاً الشعب السوري للنازحين اللبنانيين إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 حيث استضافت العائلات السورية حوالي 260 ألف نازح لبناني، بادلتهم العائلات اللبنانية الجميل في محنتهم الراهنة، كذلك وجود حوالي 300 ألف عامل سوري في لبنان قبل المحنة، ساهم في امتصاص عملية النزوح نسبياً، والتي تمت بشكل تدريجي على امتداد سنتين وثلاثة أشهر والتي قد تستمر حتى إتهاء الأزمة السوريّة التي تبدو بعيدة الحلحلة مما يهدد بمخاطر غير واضحة المعالم.

شكّل وجود اللاجئين في أفقر المناطق اللبنانية ضغطاً إضافياً على الاقتصادات المحلّية، وأدّى إلى حدوث توتّرات مع المجتمعات المضيفة. وفقاً لأحدث دراسة عن الفقر أجريت في العام 2008، فإن أكثر من 63 في المئة من سكان منطقة عكار الشمالية يعيشون تحت خط الفقر. وفي طرابلس، عاصمة الشمال، تصل هذه النسبة إلى 58 في المئة، وفي الهرمل والبقاع الغربي، تصل معدّلات الفقر إلى 33 و31 في المئة على التوالي.
هذا اضافة ً الى ان كلفة اللاجئين السوريين تفوق المساعدات.
لذلك، يجب ايجاد حلول لهذه المشاكل قبل ان تتفاقم ويصعب بالتالي احتوائها وتوفير المخارج المناسبة لها، والعمل على عدم إنشاء مخيمات دائمة للآجئين السوريين مما يترتب على لبنان مشاكل إجتماعيّة إقتصادية وديمغرافيّة بدأت معالمها تلوح في الأفق.