توافدوا إلى الشَّارع، فتشعَّبت المطالب... توافدوا إلى ساحة رياض الصلح، فاختلفت الأصوات!
تحت راية "لا لفرض الضَّرائب على الشَّعب"، نزحت الوفود من مختلف المناطق الُّلبنانيَّة، في يدها اليمنى العلم الُّلبناني وفي يدها اليسرى يافطةً استنكارًا لزيادة الضَّرائب... أصوات تصدح في كلِّ مكان، وعلى كل الشَّاشات، والإعلام توحَّد في سابقة في النَّقل المباشر، أمَّا الميكروفونات فقُدِّمت للمعتصمين على طبقٍ من فضَّة!
لسنا ضدَّ المطالب، ولكن...
على من يطالب بالإصلاح، أن يُقدِّم الموارد البديلة،
وعلى من يُطالب بالحقّ، أن يعطي الحقَّ لصاحبه،
وعلى من يُطالب بالكمال، أن تكون حلوله مثاليّة!
فلنعد بالتاريخ إلى السَّنوات العشرة الماضية، وتحديدًا عندما أعلنت اليونان إفلاسها، ولندرس كيفيَّة تعاطي دولة اليونان مع أزمتها والسبل الَّتي لجأت إليها للحدِّ من الفساد والهدر... علَّنا نتعلَّم! فلبنان لا يعيش بمنأى عن نفسه. لذلك، تعتبر السياسيات التقشفيَّة من أفضل الحلول الَّتي قد تلجأ إليها دولة تعاني من أزمة ماليَّة تهدِّد كيانها ووجودها. أمَّا الشَّارع فلا يُخفِّض الضَّرائب، والشَّارع لا يرفع الرَّواتب! الشَّارع لا يبني دولة، ولا يُنهي سلطة!
للتذكير، تقدَّمت القوَّات الُّلبنانيَّة الَّتي أطلقت صرختها في ما يتعلَّق بسلسلة الرتب والرَّواتب وفرض الضرائب، بمشروع خصخصة الكهرباء، مشروع بإمكانه توفير مليار و200 مليون دولار من العجز المالي. ولكن للأسف، لم يلقَ مشروع القوَّات الُّلبنانيَّة صدى من قبل أيِّ جهة، معارضة كانت أو موالية. من هنا، لا بدَّ لنا أن نسأل: لماذا يُغَضُّ الطَّرف عن مشروعٍ كهذا ويتمُّ اتِّهام القوَّات الُّلبنانيَّة بالهدر وخصخصة الأموال لصالحها؟
مواقف وزراء القوَّات الُّلبنانيَّة ونوَّابها لم تتغيَّر يومًا: نعم للسلسلة ولكن مع إصلاحات جذرية توقف الهدر وتجنّب الخزينة هدرًا ماليًا مرعبًا!