العودة إلى الجذور
الموقف NOV 05, 2012
اعذروني، فرغم تسارع الأحدث في لبنان والمنطقة، والتطورات التي تطرأ على الساحة المحلية أوالإقليمية أو حتى الدولية، فموقفي اليوم لن يكون سياسياً. بل هو موقف وجداني، وجودي، مقاوم. موقف له الكثير في التاريخ والجغرافيا، في الوجود، في الحياة،في الشهادة، في كل حبة تراب على مساحة ال-١٠٤٥٢ كم٢.

في أحد تذكار الموتى، أقام  جهاز الشهداء والمصابين والأسرى في القوات اللبنانية ذبيحة إلهية لراحة أنفس شهداء القوات في كنيسة سيدة إيليج - ميفوق.
العودة الرسمية للقوات إلى هذه الكنيسة حملت في طياتها معانٍ كثيرة، صحيح أن عودة شعبية سبقتها، "بطابع رسمي" إبان زيارة العماد المتقاعد عون إلى بلاد جبيل، لكن الحضور القواتي الرفيع المستوى أمس الأحد كان مغاير تماماً.ترأس هذا القداس المدبر في الرهبانية اللبنانية المارونية الاب أنطوان فخري، وحضره ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، النائب ايلي كيروز، النائب أنطوان زهرا، منسققضاء جبيل في حزب القوات شربل أبي عقل، منسق قضاء البترون الدكتور فادي سعد، منسق قضاء الكورة رشاد نقولا، منسق قضاء بشري جوزف اسحاق ومنسق قضاء كسروان شوقي الدكاش، ورفاق وأهل الشهداء ومناصرين.
 
رهبة الوجود في أرض ميفوق، والخشوع أمام سلطانة الشهداء سيدة ايليج، تجعلنا نتوقف أمام كل ما جرى ويجري في لبنان على قدر ما تستطيع الذاكرة الشخصية أن تتحمل، إن انشاغلنا بالأمور اليومية، المعيشية منها والسياسية الضيقة منها، جعل الكثيرين يفقدون الأمل، ويبحثون عن مخرج لمعاناتهم في وطننا لبنان، لكن حقيقة الأمر اننا لم نكن يوماً بعيدين عن الألم. مقاومتنا عمرها ١٤٠٠ سنة، بدأت مع يوحنا مارون مروراً بالبطاركة الأبطال والشهداء التي يخلد ذكراهم في ايليج وصولاً إلى القائد الحكيم، المارد المتمرد. فمعاركنا واستشهادنا لم يكن يوماً للإنتصار، بل كانت معارك بقاء وإستمرار، حيث نشهد للحق والحرية، وكما قالها بطريرك الإستقلالالثانيمار نصرالله بطرس صفير عقب تفجير كنيسة سيدة النجاة عام ١٩٩٤، "ونحن الذين لجأنا إلى المغاور والكهوف في عهود الظلم والظلام طول مئة السنين، ليسلم لنا الإيمان بالله وعبادته على طريقتنا في هذه الجبال، ولتبقى لنا الحرية التي إذا عدمناها، عدمنا الحياة."

شهداؤنا ليسوا "شهدا كاباريات" كم وصفهم "باسيل"، ولا قتلى حرب عصابات كما سماهم "نقولا"، بل هم شباب لهم أسماء ووجوه، رفاق لبوا النداء حين تقاعس من كان يجب أن يتصدى لمحاولة شطب هذا المجتمع من المعادلة ومن الوجود. ابرياء هم، حملوا السلاح واستشهدوا، إيماناً منهم بلبنان وطن الرسالة، رسالة الصمود والتحدي، رسالة البقاء والاستمرار، رغم كل محاولات الإلغاء من الخارج والداخل، استشهدوا حباً للحياة، لنمط عيش فريد من نوعه في الشرق الأوسط كله، حيث شكل لبنان وخاصةً جباله، مرتعاً للحرية، وملجأً لكل مضطهد.

فإلى رفاقي رسالة، اثبتوا في ارضكم، تشبثوا في ايمانكم، فرغم مرارة الأحدث وضيق الظروف، إن المقاومة اليوم لا تطلب منا الإستشهاد، بل هي مقاومة فكرية سياسية شعبية ديمقراطية، فلا تتخلوا عن المبادئ الثوابت التي من أجلها سقط الكثيرون، بل عودوا إلى الجذور، لا تيأسوا، غداً سننتصر، وغداً لناظره قريب.

إلى رفاقي الذين يجاورون الرب ومختاريه، تحية إكبار وإجلال لكم. قريري العين ناموا، استشهادكم لم يذهب سداً. افرحوا في عليائكم، فمن ائتمنتم لقيادة المجتمع هو بطل يحسب له ألف حساب، لم يضل الطريق يوماً، بل كان يعيش قناعاته وقناعاتكم ولو تحت الأرض في أقبية وزارة الدفاع. ونحن، رغم صغر سن البعض الذي لم يعرف عن بطولاتكم إلا في القصص والروايات، حملنا الشعلة واكملنا المسيرة، وسنقاوم في كل الظروف، بقوة وإيمان وإلتزام، حتى بزوغ فجر الحرية، ليحيى لبنان.
الموقف NOV 05, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد