الزواج المدني مشكلة ام حلّ؟
تحقيق MAR 05, 2013
المجتمع اللبناني يحوي في تركيبته على 18 طائفة، معترف بها بالملحق رقم واحد من القرار L.R.60 الصادر في 13 آذار 1936 وبالقانون رقم 553 تاريخ 24 تموز 1966 الذي اضاف الطائفة الأرثوذكسية القبطية الى الطوائف المسيحية. ليس نظام الاحوال الشخصية جزءاً من النظام المدني بل هو صيغة دستورية نصت عليها المادة التاسعة من الدستور التي لم تخضع لأي تعديل منذ سنة 1926 وبالإستناد الى هذه الصيغة فوضت السلطات المدنية للمراجع المسيحية صلاحياتها في المجالين التشريعي والقضائي في قضايا الأحوال الشخصية العائدة للمنتمين الى الكنائس المعترف بها في حين رفضت الطوائف المحمدية التفويض المدني بإعتبار انها تستمد سلطتها من الشرع الإلهي ورفضت ان يصار الى تطبيق القرار L.R.60فصدر القرار L.R.53سنة 1939 الذي استثنى الطوائف المحمدية من تطبيقه.

واذا كان القرار رقم L.R.60 اولى الطوائف التاريخية المعترف بها سلطة التشريع والقضاء في ميدان الأحوال الشخصية، فمن اللافت ان هذا النظام ذاته لحظ (في المادة 17 منه) حقوقاً لأبناء الطوائف غير المعترف بها، وحتى لأولئك الذين لا ينتمون الى احدى الطوائف الدينية، واخضعهم جميعاً للقانون المدني. كما انه اجاز للبناني (في المادة 25 منه) عقد زواجه في بلد اجنبي وفقاً للأنظمة المتبعة في هذا البلد.
من هنا لا يمكن التسليم بأن الدولة قد فوضت امور التشريع والقضاء في الأحوال الشخصية  للطوائف وحدها. الواقع ان حقها في التشريع للمواطنين المنتمين الى طائفة القانون العادي بقي محفوظاً.

ان القانون المدني اللبناني لم يعالج، حتى اليوم الشأن المتعلق بالأحوال الشخصية، وهذا النقص يدفع بفئة من اللبنانيين (حتى وان كانوا منتمين الى الطوائف المعترف بها) الى الخارج بغية عقد الزواج وفقاً لصيغ القوانين المدنية السائدة في بعض البلدان.
وهنا من المفيد البحث في القانون الدولي الخاص، اذا كان احد اركان العقد اجنبياً. وفي حالتنا الحاضرة، مكان تنظيم العقد فنصّ على ما يلي:
 لدى الطوائف المحمدية، ان قانون 16 تموز 1926 احيا مواد قانون العائلة الصادر عن المشرع العثماني سنة 1917 والمطبق بدوره على الزواج والطلاق لدى الطوائف السنية والجعفرية. فيما يتعلق بدروز لبنان لقانون 24 شباط 1948 والملحق بقانون 5 ايار 1960. اما الطوائف غير المحمدية، فلكل منها نصّ خاص موجود بالقرار L.R.60الصادر سنة 1936 مع تعديلاته وكذلك قانون 2 نيسان 1951.
 
اما بحسب القانون اللبناني:
تشريعياً، لبنان بلد متعدد الطوائف يخضع في موضوع الزواج لقانون الأحوال الشخصية وبالتالي بلد الجنسية هو المعتمد اقله في الأساس. اما في الشكل فيحكمه قانون البلد الذي جرى في نطاقه العقد.
انما يمكن تسجيل عقد الزواج المدني في لبنان وينتج مفاعيله. هذا مع العلم ان عدداً كبيراً من المشرعين كانوا  قد اقترحوا قوانين مدنية تنظم الزواج المدني انما لم تبصر النور في ايامنا هذه.

فقهياً، ان سلطان ارادة الأطراف بزواجهم في بلد اجنبي. قد اخضعهم الى قانون غير القانون اللبناني اي على المحاكم الوطنية تطبيق قانون البلد الذي جرى فيه عقد الزواج وليس القانون المحلي.

اجتهادياً، ان زواج لبنانيين مدنياً في بلد اجنبي وفي ظلّ غياب قانون مدني لبناني ينظم هذه الحالة . انما  يحكمه قانون البلد مكان انعقاد القران.
وتتعدد الآراء في هذا الخصوص، فالبعض يعتبر ان الدولة مؤتمنة على توفير كل مناخ يسهم في اشاعة الإندماج الوطني....  لأجل ذلك كله، اذن من اللازم المبادرة الى اصدار قانون احوال شخصية مدني اختياري مع التأكيد الشديد على الأتي:

أـ المعتقدات الدينية، وتقاليد الطوائف اللبنانية وانظمتها، والتطلعات الروحية السامية لدى ابناء الشعب اللبناني، تظل جديرة بكل حماية واحترام.

ب ـ ليس لبنان اول من يبادر الى تنظيم الأحوال الشخصية عن طريق تشريع مدني. فكثيرة هي البلدان ذات الحضارة الإسلامية او المسيحية، التي سبقته الى ذلك. بل تخطته في تعميم التشريع المدني وفرضته على كل مواطنيها.

ج ـ القانون المقترح هو اختياري لا الزامي، فمن شاء الخضوع لأحكامه كان له ذلك. ومن شاء الخضوع لأنظمة الاحوال الشخصية السائدة كان له ذلك ايضاً.
مع التأكيد على ان هذا المشروع لا يمسّ بالمعتقد وليس موجهاً ضد ما هو قائم حالياً، اي انه لا يلغي المحاكم المذهبية والشرعية بل هو فسحة من حرية الاختيار كما جاء في نصّ المادة 9  من الدستور اللبناني.

والبعض الآخر، اعتبر ان المجتمع اللبناني ليس جاهزاً في الوقت الحاضر لهذه الخطوة خصوصاً.   

 وتبعاً لأحد رجال الدين المسيحيين، فقد اعتبر ان سرّ الزواج هو احد اسرار الكنيسة السبعة وانه مفروض على كل مسيحي ملتزم ان يعقد قرانه في الكنيسة. وكما اصدر احد الشيوخ فتوى نصت على منع الزواج المدني .

 يبقى السؤال: هل ان صدور قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية يلغي دور الطوائف في لبنان؟
تحقيق MAR 05, 2013
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد