في اليلة الظلماء يفتقد البدر، وكم نفتقد في هذه الأيام البائسة بطرياكنا الكبير والدائم مار نصرالله بطرس صفير صانع استقلال لبنان الثاني والذي اعطي له مجد لبنان عن جدارة. كم نفتقد للحكمة والمعرفة والنظرة الثاقبة التي كان يتمتع بها هذا العظيم ونحن نرى ان الأوضاع والقيم في لبنان تتدهور يوماً بعد يوم وغالبية أصحاب الضمير وكلمة الحق محاصرين من قوى امتهنت الشر وادّعت الممانعة في سياساتها.
في الوضع السياسي العام، فالاوضاع تتجه رويداً رويداً نحو نقطة اللاعودة والدولة تتفكك تباعاّ وكما قال كبيرنا مار نصرالله بطرس صفير يوماً "فالحرب أولها كلام".
أما ما يؤسفنا فهو الوضع داخل كنيستنا والتي لا طالما كنا ولانزال في صلب هذه الكنيسة، لكن الحكمة في معالجة الأمور تقضي بالتكلم عنها ومعرفة الخطأ فيها لتصحيحه. فراعينا اليوم من كثر ترحاله لا يجد من الوقت ولو القليل منه لكي يستقر في لبنان لمتابعة شؤون رعيته وكنيسته على الأقل، واذا وجد وتكلًم فانه يقول الشيء ونقيضه، والجميع دائماً يسيؤون تفسير كلامه. ان توجهات البطريك السياسية وتصريحاته والذي هو كما سائر اللبنانين له حرية الفكر والراي السياسي شأن وجودي للمسحيين عامة والموارنة خاصة، ويفترض في تصريحاته ان يعبّرعنهم ويدافع عن أرضهم وهذا يفرض عليه حتماً ان يسير على خطى من سبقوه من بطاركة عظماء من 1400 سنة، والتاريخ خير دليل على صوابية توجهات هؤلاء وحكمة سياساتهم وهم الذين رفضوا دائماً الانصياع للطغاة ومسايرة الأقوى سياسياً وتمسكوا بموجودنا في هذه الارض على مرّ التاريخ رافضين أي تقوقع او تحالفات اقلوية.
أما ما يؤسفنا اكثر انه يفترض ان يكون في كنيستنا ايضا اساقفة ً عظماء، فمجد الكنيسة يبنى ايضاً على أكتاف هؤلاء، لكن في ايام البؤس هذه نجد جزءاً من من يفترض ان يكونوا اساقفة اقرب الى السماسرة وتجار الهيكل منه الى الاساقفة والكهنوت، فهم اذا تكلموا نطقوا كفراً وكذباً وفساداً، هم ينكؤون جراء الماضي لدى المسيحيين يقفون صراحة مع حزبالله ضد جزء لا يستهان به في كنيستهم، يمجدون قادة هذا الحزب ويصنفوها مع النظام السوري المجرم بانهم حماة الوجود المسيحي في لبنان والمشرق ويتهجمون في المقابل على قيادة الحزب الأبرز لدى المسيحيين ويتهمونها زوراً ببيع مجتمعها وتنفيذ سياسيات غربية مقابل تلقيها أموال. فهؤلاء يحرّضون ابناءهم بدلاً من جمع الرعية. انهم حقاّ اقرب الى اصحاب مسلخ وتجار ماشية من رعيان، فالراعي الصالح يعرف رعيته ورعيته تعرفه. من تجار الماشية هؤلاء من وقف على مزبح كنيسة يوماً واطلق الشتائم والكذب نصرة لقوى الشر ومن صرّح لموقع مخابراتي سوري ونطق كذباً وافتراءاً بوجه من دافع ويدافع دوماً عن الكنيسة.
إن فسد الملح فبماذا يملّح؟ الكنيسة لا ولن تخلوا من الرجال الأكفاء الذي لهم وحدهم يعطى مجد لبنان والكنيسة، هؤلاء مدعوّون الى انتفاضة او حركة داخلية سرية كانت او علنية من أجل تصحيح هذا الوضع "الشاذ" فالمسيحيين في لبنان قوتهم ووجودهم ليس مرتبطاً بقرار سياسي ولا بحزب الاهي ولكن مرتبط بوجود كنيستهم وعظمتها.
التاريخ شاهد على أوضاع اسوء عاشها المسيحيون في لبنان لكنهم لم يخافوا يوماً حيث كان في قيادتهم اساقفة عصيهم من خشب لكن قلوبهم من ذهب.
اللهم ان تكون الأخبار عن اصلاحات داخلية صحيحة.