الحياة بتلبقلك... لأ للانتحار!
تحقيق OCT 23, 2015
بخطى ثابتة يمشي... بيده رصاص الحياة ومسدَّس الشَّيطان! يمشي بثقة ترتعش خوفا... يمشي غير آبه بعائلة أدميت أفراحها بآلام لا تنضب! أتراه يعلم أنَّ الحياة تليق به؟ أتراه يدري أنَّ للمشاكل قوَّة أكبر من طاقاتنا البشريَّة، وهي قادرة على تفتيت الصَّخر بكلمة، قل بهمسة؟ أتراه يدري أنَّ صمت السَّواد الذِّي اتَّشحت به والدته أقسى من صوت لحد بارد... خائف؟! ويا ليته علم ولم ينتحر!

غريبة هي الحياة حين تظهر للبعض وجهها المرعب وترغمه على مغادرتها طوعًا، هي التِّي يتنافس البعض عليها. والأغرب أن يكون لبنان، بلد الحياة والسَّهر والفرح، من البلدان التِّي ترتفع فيها نسبة الانتحار بشكل مقلق. فمنذ العام 2012 وحتَّى العام المنصرم أي 2014، شهد لبنان 364 حالة انتحار أي وفاة 121 شخصًا كلَّ عام، ما يعني وفاة شخص كلّ ثلاثة أيَّام نتيجة الانتحار. الأرقام إذًا مرعبة، والجهود المبذولة معدومة! وما تكشفه هذه الأرقام المفجعة أيضَّا أنَّ من بين كلّ 3 منتحرين هناك امرأتان، ما يشير إلى الآثار النفسيَّة الكبيرة التِّي تعاني منها المرأة في مجتمعنا الُّلبنانيّ.

لا توجد للأسف دراسات مفصَّلة حول هذا الموضوع، وتبقى الأسباب التِّي تدفع باللبنانيين إلى الانتحار شبه مجهولة. لكن إذا ما أردنا أن نحلِّل الواقع، لوجدنا أنَّ الأسباب تتراوح بين الضُّغوط النفسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة. لا داعي لأن نغوص في الأسباب النفسيَّة التِّي تُعتبر إلى حدٍّ ما، عاملا طبيعيًّا في حالات الانتحار، لكنَّنا سنتطرَّق إلى الأوضاع الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة المزرية في لبنان. على الصَّعيد الاجتماعيّ، تكثر الضُّغوطات على الفرد، ضغوطات عائليَّة، مدرسيَّة، جامعيَّة... فيرزح البعض تحت ثقل الشَّخصية التي "يلبسونه" إيَّاها، ليصبح ضائعًا بين شخصيَّته الحقيقيَّة والشَّخصيَّة التِّي يعيش بها. كذلك، تدفع العلاقات بين الأهل وأولادهم أو بين الأهل أنفسهم، خصوصًا إذا كانت علاقات مبنيَّة على العنف، الشَّاب أو الشَّابة إلى الدُّخول في عالم الكآبة المعتم، ما يدفعهم إلى الانتحار. أمَّا على الصَّعيد الاقتصاديّ فحدِّث ولا حرج! بطالة وأجور متدنيَّة وهجرة ومستقبل مجهول... لسنا في صدد تشريع الانتحار لكنَّنا نؤكِّد أنَّ بعض الأسباب يمكن معالجتها، خصوصًا أنها من واجب الدَّولة!

لا تكتب المأساة بحروف الموت، بل انتصر على مأساتك! كبِّلها لكي لا تكبِّلك، وعند كل إشراقة شمس التفت إلى العلى، لأنَّ هناك من يرعاك وإن لم تلمح طيفه... بعد!
تحقيق OCT 23, 2015
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد