لم تعد الجريمة في لبنان غريبة عن المواطن، لم يعد سماع تفاصيلها أمر يهزه، فهي اصبحت من خبز يومه. فما الذي يؤدي اكثر الى الجريمة، هل هو غياب القانون ام انعدام القيم والاخلاق؟ هل هناك ما يشبه الهستيريا التي نعيشها اليوم وغياب أي رادع لناحية القتل والانتحار والتشويه، سببه غياب القانون ام القيم؟ هل هي شريعة الغاب نحتكم اليها وسببها فلتان امني وسياسي على كل الاصعدة؟ في غياب القانون حيث يأكل القوي الضعيف، وبطبيعة الحال العنصر الاضعف هم النساء والأولاد.
هل نحن امام ازمة رادع؟
الأسباب الأساسية الكامنة وراء ازدياد الجرائم في لبنان نستعرضها كالتالي، ان "المشكلة الرئيسية تكمن في عدم وجود قرار سياسي للحدّ من الجرائم"، انعدام الرادع اذ ان ما يحصل في لبنان اليوم على الصعيد الأمني مرتبط بالأزمـة الاقتصادية والأحوال المعيشية المتداخلة مع المشاكل السياسية المستمرة، وأصبحت الجريمة مبرّرة، فالخطف أو القتل لأسباب سياسية مثلاً يُعد أمراً اعتيادياً، ويدخل ضمن سياق تصفية الحسابات من دون أن يكون هناك رادع. وهذا ما يؤثر في سلوكيات المواطنين الذين يبرّر بعضهم لنفسه تنفيذ جريمة من دون القلق من وجود عقاب.

هذا فضلاً عن أنّ "الاضطرابات النفسية والعصبية التي يعانيها آلاف اللبنانيين تؤثر سلباً في الوضع الأمني، وهي في تزايد مستمر بسبب الضغوط التي تحيط بالمواطنين يومياً ايعيشهم حرباً باردة أمنياً واقتصادياً. ومن الأدلة على ذلك، بلوغ نسبة استهلاك الأدوية المهدئة بين اللبنانيين نسبة 15.3 في المئة التي تدعو لدق ناقوص الخطر، بحسب منظّمة الصحّة العالمية، فيما المؤشر العالمي لتحديد أقصى نسبة استهلاك للمهدئات هو 5 في المئة".
أمّا لجهة قضية اللاجئين ومدى تأثيرهم في ارتفاع نسبة الجريمة، فإنّ المشكلة واجهتها دول كثيرة حول العالم وليس لبنان وحده، "وذلك لأنّ ظروف اللجوء يمكن أن تؤمن مناخاً ملائماً للجرائم بسبب الفقر والعوز والشعور بعدم الاستقرار والانسلاخ عن الوطن الذي ينتمون إليه".
بوجود كلّ هذه العوامل المحفّزة لازدياد الجريمة في مختلف المناطق اللبنانية، يبقى الأمل بالحفاظ على أدنى القيم الإنسانية التي تحرّم العنف والقتل والسرقة... وغيرها من الجرائم، بعدما وصل لبنان إلى مرحلة أصبح فيها الرادع القانوني غير كافٍ أبداً لوقف مسلسل الجرائم.