عرفت صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة بجرأتها في تناول المواضيع الحساسة على اختلاف أنواعها، بينها تلك التي لها علاقة بالديانات. "شارلي إيبدو" صحيفة فرنسية ما عرفها الشعب اللبناني لولا الهجوم الارهابي الذي تعرضت له الاسبوع الماضي، وأدى الى سقوط 12 قتيلاً وعدد من الجرحى نتيجة الاعتداء الاجرامي على ما يسمّى بـ"حرية التعبير"، ما حرّك دول العالم وشعبه لينتفض في وجه الارهاب، دفاعاً عن "حرية الرأي".
شهداء الصحيفة هم شهداء حرية التعبير.
يُقتَلون، لأنهم يكتبون ويرسمون... بإسم الدين. فإما السكوت عن العبودية، وإما "تُقتلون بدافع البوح عن الحرية".
سبق وتعرّضت هذه الصحيفة للكثير من التهديدات خلال السنوات الماضية، ففي عام 2011 شب حريق متعمد في مقر الصحيفة الفرنسية في اليوم نفسه من استعدادها لإصدار عدد خاص تحت عنوان "شريعة إيبدو" بعد الكثير من الجدل حول الموضوع. وفي عام 2012 تعرض الموقع الإلكتروني للصحيفة الأسبوعية الفرنسية لعملية قرصنة عطلت عملية الدخول إليه، واتهمت الصحيفة بكونها نشرت رسومات مسيئة للنبي محمد.
أما عام 2013 فأصدرت المجلة الساخرة كتاباً مصوراً حول سيرة النبي محمد، حيث أوضح مدير المجلة أن السيرة المنشورة مقبولة إسلامياً بما أن "كتابها مسلمون، وهي عبارة عن تجميع لما دوّنه كتاب السيرة عن حياة محمد، ونحن رسمناها فقط". وفي مطلع 2015، تعرّض مقر الصحيفة الى هجوم ارهابي أدى الى مقتل 12 شخص من بينهم 4 من أهم الرسامين الكاريكاتوريين لديها وعدد من الجرحى.
غصّة دخلت قلوب الفرنسيين المسلمين والملحدين والمسيحيين، لأن "الارهاب لا دين له"، ورغم ما تعانيه فرنسا أعلنت الحداد الرسمي على أرواح الشهداء ونظمت يوم عالمي "ضد الارهاب" شارك فيه أكثر من 1.5 مليون شخص.
وفي لبنان، هذه الدولة التي تتباهى بعظمة استقلالها وسيادتها وحريتها، تحاسب كل من يتعرّض لرئيس أو عميد، لبنان الذي يفتخر بديمقراطيته وحريته المزيفة، يلحق التهم بكل من يمارس مهنة الصحافة، مهنة الحرية في الرأي والتعبير، نظّم وقفة في بيروت تضامنا مع شهداء "شارلي إيبدو" واحتجاجا على الارهاب في العالم العربي والعالم.
نعم... لا دين ولا طائفة هي المسؤولة عن الارهاب والهجومات الدموية. الاسلام أول من استنكر الاعتداء، فكيف لنا ان ننسب هذا العمل الارهابي الى طائفة دون الاخرى؟ كيف لنا ان نتهم "دين" ما بالقتل وأول من سقط ضحيته مسلم؟ نعم، أنا أؤمن بحرية الرأي والتعبير، أنا صحافية وأنا أؤمن بأن الإرهاب لا يعرف الاديان وحرية التعبير لا تعرف "المقدسات".