من مخيمات اللاجئين إلى أحياء المدن: اليات ورهانات.
المرحلة الأولى من مراحل إسكان اللاجئين في سوريا ولبنان: بؤس وعدم إستقرار في المخيمات.
خلال الاشهر الأولى من إسكان اللاجئين في سوريا ولبنان لوحظت على حركة دائما لعناصر سكانية داخل حدود هذين البلدين. فقد بذل كل منهم جهده للعثور على مكان حيث يمكنه العيش بصورة لائقة. بيروت غدت متخمة بالمهجرين، لدرجة أنه أصبح شبه مستحيل العثور فيها على مسكن . لهذا السبب، كان العديد من اللاجئين يواصلون طريقهم بإتجاه الدخل، صوب دمشق، حيث قدر عددهم، في نهاية كانون الثاني ١٩٢٢، بنحو ستة الاف ارمني.
- مخيمات بيروت:
غير أن وجهة اللاجئين المفضلة كانت بيروت ومنطقتها اللتين تعرضتا لخسائر جسيمة إبان الحرب العالمية الأولى: فالمجاعة فتكت بثلث السكان واخليت قرى بكاملها من قاطنيها، وكانت المراكز الحضارية تشكو من نقص في اليد العاملة. عندما وصل اللاجئون الأرمن الأوائل، لم يجدوا صعوبة كبيرة في العثور على عمل. وقد بدا أن القادة المسيحيين اللبنانيين راضون عن توطين الألاف من أبناء دينهم في البلاد إذ يضخم ذلك عدد المسيحيين في منطقة كانت فيها الصراعات بين جماعات دينية اخذة في التكاثر منذ القرن ال ١٩. هذا الترحيب من جانب المسيحيين اللبنانيين تجلى بوضوح لدى البطريرك الماروني الحويك، المؤيد لإسكان الأرمن في لبنان. فقد إستقبل، في مقر اقامته في بكركي في كانون الثاني ١٩٢٢٬ وبكل مراسم التكريم كاثوليكوس كيليكيا ساهاك الثاني يرافقه وفد ارمني.
غير أن الهجمة على بيروت ما لبست أن سببت مشكلات متعددة إجتماعية وصحية. إذ إن غلاء المعيشة والنقص في المساكن حالة دون أن يجد جميع اللاجئين إمكانية للسكن في المدينة، فإضطر معظمهم إن يستقر في المخيمات المحيطة بالمدينة، حيث كان عدد المقيمين يرتفع يومن بعد يوم.
في تموز ١٩٢٢ بالغة عدد اللاجئين ٨٠٠٠ شخص مجمعين في أربع مخيمات ملاصقة لبيروت ويعيشون تحت الخيام أو في أكواخ. إلى أن عددهم كان في إزدياد مطرد. وفي تشرين الثاني ١٩٢٢ كتب الدكتور ملكونيان في صددهم:
لاجئو بيروت الارمن مجمعون بشكل رئيسي في أربع مخيمات:
١- مخيم الكرنتينا وهو ألهم، يضم ٥٠٠٠ و-٦٠٠٠ ارمني. هنا يتواجد لاجئونا المعوزون وحولوهم تشكل هذا التجمع والتضخم.
٢- المخيم المدعو " كندرارالي"، لا يفصله عن الأخر سوى سكة حديد الحديد، وهو يأوي أكثر من ٤٠٠٠ لاجئ.
٣- مخيم مار متر وهو جد بعد عن المخيمات الأخرى ويحوي على ٥٠٠ لاجئ.
٤- مخيم المعرض، ويكاد يقوم في كلب المدينة وفيه يعيش ١٠٠٠ لاجئ تقريباً.
ولما أصبحت بيروت مقر المفوضية العليا تعاظم شأنها بالنسبة إلى المدن السورية حتى أن الزوار الاجانب صاروا أكثر عدداً من أولئك الذين يزورون حلب ودمشق. وهذا يفسر بلا ريب أن شهادات العصر حول مخيمات بيروت تفوق الحصر فيما تلك المتعلقة بحلب أو دمشق أكثر ندرة.
غير أن هذه التحسينات لم تكن كافية إطلاقاً، ذلك لأن فسحة السكن كانت ضيقة بالنسبة إلى الاف الجان هؤلاء ولا سيما أن الظروف الصحية خلال السنوات الأولى بالأخص، كان يرثى لها، حتى أن إصابة بالطاعون إكتشف في تشرين الأول ١٩٢٦، مما أرغم سلطة الإنتداب على إخلاء المنطقة المنكوبة من مئة عدة من الأشخاص.
ودعي هذا المخيم على العموم "المخيم الكبير" أو "المخيم المركزي" أو " مخيم كنيسة الصليب المقدس" أو " كمب اضنة ". وقد أوى موجات اللاجئين الأولى الذين وصلوا الى لبنان ما بين نهاية ١٩٢١ و-١٩٢٤.
والحقيقة أن بلدية بيروت نادراً ما كانت تتدخل في إدارة المخيم نظراً إلى أنه ينعم باستقلالية ومجهز ببيئة تحتية إدارية خاصة به. أضف إلى ذلك أن المخيم لم يكن يعتبر مكاناً هادئاً: فالفوضى والإضطرابات والجرائم كانت لها أموراً مألوفة تضطر الشرطة المحلية إلى التدخل وإستخدام القوة.
والمطران دويهمني بارع في وصف الوضع السائدة داخل المخيمات خلال العشرينات من القرن المنصرم:
" كل عمل تقدم عليه أي لجنة وطنية وسط اللاجئين يبوء بالفشل إن لم تدعمه الدولة بجزم. ولا يغبن عن البال أن هذه الجماعة البشرية إختبارات العبودية تحت النظام التركي ثم دمرت معنوياً على دروب الترحيل. وبعد ١٩٢٣- 1924, قدمت جماعات أخرى من اللاجئين إلى بيروت المحتلة وأوتهم السلطات الإنتدابية في موضع يقع إلى الشرق.
- مخيمات حلب:
خلافاً لمخيم بيروت الكبير، كانت مخيمات حلب أكثر إندماجاً في نسيج المدينة، فأغلب اللاجئين تم ايواؤهم في مؤسسات ارمنية أو في خانات عند اصولهم.
ولا كانت المنظمات الارمنية عاجزة عن تغطيت نفقات هذه المأجورات على المدى الطويل إضطر اللاجئون إلى الإنطلاق في غضون الأشهر التالية إلى شمال المدينة وخاصة إلى السليمانية.
التواجد النهائي للأرمن:مشروع التوطين
- مشروع بناء أحياء حضارية في سوريا ولبنان: الرهانات المختلفة
إن كل مساعي السلطات الانتدابية الرامية إلى بعثرة الوافدين الجدد لا تجد نفعاً إن كان لاجئو سوريا ولبنان يحاولون أولاً أن يتجمعوا ويحيوا حياة جماعية. والواقع أن المدن الكبرى رغم إنعدام مجالات العمل فيها ونقص المساكن المتأتي عن تدفق الجان استمالت بشدة الارمن وذلك على حساب المناطق الحدودية والريفية.
وكانت مخيمات اللاجئين تؤمن المجال المثالي لبناء هذه المساحات المغلقة حيث ينطوي اللاجئون على أنفسهم. وقد شكلت حتى خطوط فاصلة داخلية في المخيمات.
في الواقع، الصدمات النفسية التي ولدتها " الكارثة" وحياتهم الجديدة في بيئة غريبة وأحيانا معادية دفعتا الارمن إلى الإحتشاد والعيش بصورة جماعية. إضافة إلى ذلك، من الواضح أنه كان يمكن للاجئين بتجمعهم على هذا النحو وفقاً لأصولهم الجغرافية وبحسب صلات القربى أن يعتمدوا أكثر على التعاون المتبادل والتضامن مع مواطنيهم وهما أساس تقليد حسن العشرة الأرمني.
الواقع أن المسؤلين الفرنسيين اظهروا خلال النصف الثاني من العشرينات رغبة حقيقية في إسكان الارمن نهائياً في المناطق الخاضعة للإنتداب. وكان العنصر الارمني قد أصبح عندئذ أداة ضرورية لتعزيز السلطة الانتدابية الفرنسية في سوريا ولبنان. وقد تحقق ذلك خصوصاً أثناء الإنتخابات التي اجريت في غضون العشرينات، والتي شهدت الطائفة الأرمنية تقترع بكثافة لمصلحة المرشحين المؤيدين للنظام الإنتدابي .
إلى ذلك تجدر الإشارة إلى أن مشروع إسكان الارمن النهائي كان يلبي أولويات أخرى. إذ يبدو إن قادة الشتات الارمن كانوا أخيراً مقتنعين بفوائد إسكان الارمن النهائي في سوريا ولبنان.
في هذه الظروف، وجدت سياسات إسكان الأرمن التي يتبعها المفوض السامي الفرنسي دعماً مباشراً لها لدى المجلس الارمني وفتحت حينذاك، ورشاً كبيرة لبناء أحياء في المدن، ولا سيما في بيروت وحلب، مستنفرة بذلك جميع طبقات الشعب الارمني.
- المرحلة الأولى في مشروع إسكان الارمن النهائي في سوريا ولبنان
أن عصبة الأمم كانت تواصل تحلكك مشروع ضخم بعث الروح فيه ف. نانسن، هو مشروع إعادة إسكن ارمن الشتات في أرمينيا السوفياتية. غير أن مسؤولي عصبة الأمم لم يتمكنوا من رفض الإقتراح الذي تقدمت به المفوضية العليا الفرنسية نظراً إلى قيام وضع ملح يقضي بوضع حد لحالات عدم الإستقرار في المخيمات.
من الواضح أنه، على غرار عصبة الأمم لم يكن تعهد المنظمات المشاركة في هذه العمليات الأولية الهادفة إلى تثبيت الارمن في سورية ولبنان كاملاً. فالجمعية قررت المساهمة في المشروع اللبناني- السوري.
إن الإتفاقية الموقعة بين مختلف المعنيين وسلطات الإنتداب لا تبد مع ذلك أقل صلابة وسماحة بإتخاذ الإجراءت الأولى العملية. وهكذا افرجت الحكومة اللبنانية، تلبية لطلب المفوضية العليا الفرنسية عام ١٩٢٦ عن مبلغ ثلاثة ملايين فرانك، مقتطع من أموال ألدين العثماني المجمدة من أجل بناء أحياء سكنية في بيروت تخصص للاجئين الأرمن المقيمين في مخيمات هذه المدينة.
المرحلة الاخيرة في مشروع إسكان الارمن: الانتهاء من بناء الاحياء الحضارية في بيروت وحلب ودمشق.
فاللاجئون المنتظمون في جمعية مناطقية أقاموا شبكة محلية وإقليمية وحتى دولية للتعاون المشترك. واطلقت كل منظمة حملة خاصة بها للإكتتاب ودفعت المبالغ المجموعة المباشرة لمشاريع تهدف إلى شراء الاراضي كما إلى تشييد المدارس أو الكنائس وسط أحيت حلب أو بيروت الجديدة.
تعهدت هذه الأخيرة مذذاك بأن توظف امكانياتها المالية والإنسانية على نطاق أوسع في العمليات الرامية إلى إلغاء مخيمات اللاجئين المؤقتة وإسكان هذه الجماعات في أحياء جديدة مشيدة بالحجر.
عندها أفاد التعاون بين مختلف المؤسسات المشاركة في مشروع إسكان الارمن من هيئة إدارية جديدة.
إن مراقبة المفوضية العليا الفرنسية لعمليات إسكان الارمن أصبحت ابتدأٍ من الثلاثينات أكثر مباشرة، وبخاصة أن الدولة الفرنسية صارت المساهمة الأهم فيها.
غير أن هذه المساهمة الفرنسية المهمة لم تكن كافية لإنجاز مشروع إسكان اللاجئين الأرمن الضخم.
الأحياء الارمنية الجديدة في بيروت: برج حمود والضفة الغربية من نهر بيروت
في اواخر ١٩٢٩٬ كان نحو أربعين ارمني مستقرين في لبنان وكان أكبر تجمع للسكان في بيروت حيث يقيم ثلاثون ألف مواطن نصفهم مازال في مخيمات. ومنذ ١٩٣٠ شوهد إنطلاق حركة إنتقال سريعة للاجئي المخيمات بإتجاه ألحياء الجديدة القائمة على تلة الاشرفيه وكذلك بإتجاه ضفتي نهر بيروت حيث بدأ تشييد بعد الابنية. وكانت سلطة الإنتداب قد دمرت في حزيران ١٩٣٠ ألف كوخ داخل المخيم الكبير كما في مخيم الكرنتينا.
في ١٩٣٠ تركزت جهود مكتب نانسين خصوصاً علل الأراضي الواقعة على ضفة نهر بيروت الشرقية في موقع يقال له برج حمود وهو يكاد يكون غير مأهول ومغطى بأشجار مثمرة وشجيرات أخرى ومستنقعات.
فقد خطت مندوب عصبة الأمم أن يشيد في المكان مدينة ارمنية تستوعب من ثمانية عشر ألف إلى عشرين ألف نسمة بينهم ثلاثة ألف من غير الارمن، لها بلديتها الخاصة المؤلفة بالضرورة من عناصر ارمنية. ولمشروع برج حمود فائدة مزدوجة بالنسبة إلى المفوضية العليا: إنه يسمح لها بالتخلص نهائياً من مخيمات اللاجئين في بيروت وإنشاء دائرة إنتخابية جديدة في جوار العاصمة البنانية تكون مخلصة لقضيتها.
وتواصل في بيروت إجلاء اللاجئين إلى مساكن حضارية على مدى الثلاثينات أعمال بناء معظم الأحياء الجديدة في القسم الشرقي من نهر بيروت فوق الأراضي الواقعة بين برج حمود والدورة.
على الرغم من ذلك لوحظ أن بعض اللاجئين ولاسيما الفقراء منهم اكتفوا ببناء أكواخ لهم في أحياء برج حمود الجديدة عندما اضطروا إلى مغادرة المخيمات.
لبننة اللاجئين: قضية يصعب الدفاع عنها
تغير إطار النقاش إعتباراً من ١٩٢٥ على نحو جذري. ففي هذه السنة اثبتت السلطات ديمومة الوجود الارمني بإصدارها قراراً بتجنيس اللاجئين. فقد أثار القرار في أحسن الأحوال ردود فعل قلقة ولم يتقدم أحد للدفاع عنه لاسيما أن خصوصية الارمن بدأت تتضح أكثر فأكثر للسكان المحليين.
- التجنيس المفروض:
في اواخر ١٩٢٤٫ اعلن بإيجاز أنه تقرر إحصاء اللاجئين. وحين صدر القرار بذلك عام ١٩٢٥ شكل الارمن في إعتقد البعض موضوع الساعة. وكان الإحصاء يهدف في الواقع، كما أوضح بيان الحاكم إلى منح الارمن المقيمين في لبنان الجنسية اللبنانية، فهم كانوا سيؤلفون جماعات جديدة وسيكون لهم ممثلهم في المجالس الوطنية والمحلية. ولم تدع المراجع اللبنانية للمصادقة على القرار فجر عندئذ حل المجلس التمثيلي وهو بمثابة برلمان ذلك العصر.
وفي إنتظار إنتخاب المجلس التأسيسي الذي وعدت به باريس تمثل النظام الإنتدابي بإدارة مباشرة يمارس السلطة فيها الحاكم الفرنسي للبنان الكبير. والواقع أن القرار الفرنسي أثار إعتراضات حدة رافقها موكب من الإشاعات المسيئة إلى اللاجئين فتجنيس الارمن "بين ليلة وضحاها" على ما أكده الناس هو تسبب بشقاء اللبنانيين ولبنان أيضاً.
فهؤلاء الغرباء الذين سيدعون للمشاركة في مجمل شؤون الوطن وفي السلطة التنفيذية من بين أمور أخرى سوف يصبحون " من أرباب البيت " الحقيقيين، انهم سيقودون البلد بالجهل والمبالاة حيال احتياجاته، وكلها أسباب لن تترك للبنانيين خيار أخر سوى "الضياع فالهجرة".
وبطبيعة الحال القوا الائمة عل الارمن المتهمين بنكران الجميل لا بالزهو والكبرياء، الارمن الذين يحاولون الإستيلاء على بلد شعب ذنبه الوحيد أنه عاملهم بكرم و-"شفقة".
غير أن المسؤولين الرئيسيين عن هذا الظلم هم ممثلو الإنتداب الذين لم يتراجعوا أمام إستخدام إجراء غير قانوني. فعصبات الأمم لم توص فقط بإستشارة المسؤلين المحليين في قضايا الداخلية بل اخضعت منح الجنسية البنانية لنظام أقدمية الإقامة الذي يجب الى تقل عن خمسة سنوات، لذا شرع بعضهم يلوح أنه في وسع البرلمان القادم أن يبطل هذا القرار.
ولأن إستخدم حجت المرجع التركي غير الصحيحة ليبين إستحالة إندماج الارمن بالعرب فإنهم ساقوا أيضاً إعتراضات لا يمكن لدعاة الترعية البنانية إلا أن يتأثروا بها. فقد ألحوا على حق الذين "عجنوا بالطين البناني " في منح جنسيتهم لمن يشاؤون مؤكدين أن " لبنانياً مهاجراً هو أفضل من ارمني مقيم ". وحدها "لسان الحال" اغتنمت الفرصة الساخنة لمساعدة المسيحيين وضعفت المقالات المتعلقة بالمهجرين البنانيين، وإذ أكدت رفضها التعليق على الفائدة المرجوة من تجنيس الارمن، استخدمت بدورها معارضة المسلمين للتصدي للقرار الرسمي.
وتجلى بوضوح حذر وحيطة الصحف الأخرى المؤيدة للترعة اللبنانية لدى اشتراكها فالجدال الدائر.
هذه الحيرة الظاهرة الذي لم يكن يمكنها الى أن تشيع في نظر المنددين بالقرار التواطؤ بين دعاة الترعة البنانية ال فرنسيين بخصوص إسكان الارمن - قد أشرت إلى التطور الحاصل لدى بعض الموارنة خصوصاً، فهؤلاء وإن لم يعترفو ا علنا بذلك، معدو يرفضون زيادة المسيحيين الإضافية في مواجهة مقاومة إسلامية ما زالت بعد خمسة اعوام على إنشاء لبنان الكبير، تتسم بالصلابة، بينما بدا أن عودة المهاجرين البنانيين الكثيفة باتت مستبعدة.
ويظهر أن السلطة في الإعتبار تعرض المواقف القائمة فاعتمدت التساهل في تطبيق مبدأ لبننة الأرمن من دون إن تشكك فيه.
اثيرت مسألة تجنيس الارمن مجدداً أمام الجمعية الوطنية الجديدة لمناسبة إقتراح الحكومة منحهم حق الإقتراع، _لا التمثيل_ في الإنتخابات البلدية وهو حق حصلت عليه رعايا عصبة الأمم والولايات المتحدة عام ١٩٢٤ لبيروت. وقد طلبة نائب ماروني عندما إعتبر أن معاهدة لوزان لا تنطبق على لبنان نظراً إلى وضع هذا البلد الخاص قبل الحرب، إن يتمكن البرلمان من " مناقشة جنسيات اللاجئين أولاً" ، وهذا إقتراح أيده فيه زميل درزي رفض " الزخارف الكلامية" التي كانت المسألة مغلقة بها.
ورفض العديد من النواب المسلمين من دون مناقشة المبدأ، منحهم المساواة في المواطنة، وذلك لأن اللاجئ ليس إبن البلد ولا يسعه إذاً إن يتمتع بالحقوق مثلما يتمتع بها البنانيين. برلماني واحد، مسيحي، دافع عندئذ عن الموقف الرسمي مذكراً السلطة.
وإذا كانت مسألة حقوق الأرمن السياسية قد أثارت مشكلات فإن أمر إختلف فيما يتعلق بحقوقهم في مقاسمة الدولة الارباح المادية االتي رفضت بصورة شبه اجماعية.
- العوائق الأرمنية في وجه الإندماج:
منذ أن أعلن رسمياً أمر تجنيس الارمن بادر السكان المحليون _ حتى أولئك الذين رفضوا شجب تجنيسهم_ إلى الإشارة إلى خصوصياتهم غير القابلة للتغير. ابرزت بشكل متزايد اختلافاتهم، وهي خصائص حملت دلالات سلبية.
إن الفكرة القاتلة أن الارمن أنفسهم لا يرغبون في الإندماج شقت إذاً طريقها مذ وجدت مسألة تجنيسهم: فهؤلاء لا يرغبون فيه بالضرورة "إذاً انهم لم ييأسوا بعض من العودة إلى كيليكيا"، ويخشون أن يفقدوا حقوقهم في المطالبة بممتلكاتهم في مناطقهم الاصلية. بالإضافة إلى لا مبالاتهم باللغة العربية. بالطبع أكدت الحكومة، في ١٩٢٥٬ أنها فرضت على قادتهم تدريس العربية في المدارس الرسمية. بعد تاريخ حافل من الأحداث التي طاولت الشعب الأرمني على مدى عصور عديدة، وبعد نجاح الشعب المهاجر قصراً من أرضه على الإندماج في المجتمعات التي انتقل إليها خاصة المجتمع اللبناني وبعد ظهور ما يعرف ب"لبننة اللاّجئين" يمكن إعتباره اليوم مكوّناً من مكونات المجتمع اللبناني، هذا المكون الذي يمارس لبنانيته على جميع الأصعدة خاصةً السياسية منها حيث أصبح لبنانياً من جزور أرمنية.... ويجدر بنا الذكر أن في 23 نيسان من كل سنة يقوم الأرمن بمسيرة من منطقة برج حمود إلى بطريركية الأرمن في أنطلياس إحياءً لهذه الذكرى و تضاء النار في مكان مخصص، وتوضع الورود على رفات الشهداء.