الآثار في لبنان بين السّياحة والإهمال
تحقيق AUG 13, 2013
ثروة قوميّة... حضارات شعوب... تاريخ بأسره... معالم ثقافيّة تحكي ألف حكاية وحكاية... إرث تاريخي عريق... أمنية كلّ سائح... هذه آثار لبنان تأسر القلوب، سياحة بحدّ ذاتها، ولكنّها تتعرّض يوميّا، لانتهاكات يغضّ النظر عنها!

بعلبك، صيدا، صور...! وجهة السائح الحتميّة: أعمدة شامخة تعيدك بالزّمن إلى العصور الفينيقيّة، الصّليبيّة، والرومانيّة... قلاع تسرد قصص العنفوان، صخور شرّدها الزّمن وقسّاها شغف القتال. نعم العصور القديمة أمام هذا العصر حيث تتناسى الدّولة الّلبنانيّة هويّة لبنان الثّقافيّة وتضيّعها بين الكثير من ضحايا الإهمال على الأراضي الّلبنانيّة.

  كيف ندعو السّيّاح لزيارة ممتلكاتنا الثّقافيّة، وسنين مرّت عليها دون أن ننجز مشاريع التّرميم الّتي لا زالت تنتظر حتّى اليوم في أدراج الوزارات. ها هو "مشروع الإرث الثّقافي" لإعادة ترميم قلعة صيدا البريّة متوقّف عند أسوارها الّتي تترجى المعنيّين الحفاظ على تاريخها.
 

كذلك تنتظر آثار مدينة صور أن تنفض عنها الدّولة غبار النّسيان والإهمال، وتعيد إليها قيمتها بالتّأهيل والتّرميم، تلك المدينة الّتي نقلت الحرف إلى العالم، لا تستحقّ هذه اللاّمبالاة من قبل دولتنا الكريمة. كما لا يجوز أن نتذكّر قلعة بعلبك فقط عندما نريد أن نستفيد من موسم الاصطياف لجذبالسيّاح، بل يجب أن نباشر بتحسين القلعة وتدعيمها لئلاّ تسقط على رأس روّادها من الزّوار.

جرائم أثريّة بالجملة، تنتهك حرمة الآثار في لبنان، دون حسيب أو رقيب. كيف لا تكون الدّولة المجرم الأكبر، عندما يوافق أحد وزراء الثّقافة على هدم المرفأ الرّوماني الأثري في ميناء الحصن، وهو المسؤول الأوّل عن الحفاظ على الإرث الثّقافي.
 

ولكن المأساة لا تقف هنا بل تصل إلى وجود معارض تبيع تحفاً وتماثيل غير مصرّح باقتنائها لمديرية الآثار، في حين أنّ مكانها في المتحف الوطني، الفارغ المهجور رّغم أنّ لبنان مليء بالآثار والتّحف دون سائل عنها! هذا نهاك عن صاحب المعرض الّذي يبقى خارج المساءلة القانونيّة بتغطية من مرجعيّة سياسيّة نافذة.

    غريب في بلد يدّعي نفسه "دولة قانون" أن تكون فيه القوانين الّتي تعنى بالحفاظ على الآثار مجرّد نظريّات انضمّت لغيرها من التّشريعات الّلبنانيّة غير النّافذة، من القانون الصّادر عام1933 والّذي يعتبر جميع الأشياءالمصنوعة قبل سنة 1700 "آثار قديمة"، وصولاً إلى الإتفاقيّة الدّوليّة المتعلّقة بالتّدابير الواجب اتّخاذها لحماية الآثار.
 

   مستحيل أن نسلب الوطن تاريخاً عمره من عمر الزّمن بسبب الإهمال، مستحيل أن نقضي على إرث ثقافي، على أرقى وأروع ما تركت لنا الشّعوب القديمة، مستحيل أن نجهز على هويّتنا القوميّة. إنّ واقعنا مرير جدّاً: فوضى عارمة، فساد مستشر، دولة مفككة غير سائلة عن شعبها، فكيف بها تسأل عن ممتلكاتها الثّقافيّة؟! دعونا نحافظ على عصب السّياحة الوحيد، على تراثنا الثّقافي لأنّه أفضل ما ننقله للأجيال القادمة، فما نعيشه اليوم عار أن يدرى به أحد!!
 
تحقيق AUG 13, 2013
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد