"إن شهر أيّار يشجّعنا على التفكير في مريم وعلى الكلام عليها بطريقة مميّزة. فشهر أيّار هو شهرها، والزمن الليتورجيّ وهذا الشهر يدعوننا على فتح قلوبنا أمام مريم بطريقة مميّزة" البابا يوحنّا بولس الثاني 2 ايّار 1979
.
إن تكريس أيّار لمريم العذراء لم يكن موجوداً في الكنيسة قبل القرن الثامن عشر، ولكننا نعلم أن الكنائس الشرقيّة كانت تكرّس ثلاثة أشهر من السنة لمريم العذراء. ففي ترنيمة ليتورجيّة مارونيّة قديمة نقرأ: "ليكن تذكار المباركة ثلاث مرّات في السنة: بكانون يكون تذكارها على الزروع (سيدة الزروع) وفي أيّار على السنابل (سيّدة الحصاد) وفي آب يكون تذكارها على العناقيد (15 آب) لأنّ في هذه العناقيد تصوّر سرّ الحياة (الإفخارستيّا)". وبالتالي نستنتج أن الكنائس الشرقيّة كانت تعيّد لمريم العذراء في شهر أيّار قبل أن تتبنّاه كنيسة الغرب في القرن الثامن عشر
.
ان شهر ايار هو
الشهر الذي خصصته الكنيسة المقدسة لاكرام امنا العذراء مريم، هو شهر الورود والجمال والحياة والتجدد، فكما ان الورد في شهر ايار يملا الدنيا عطرا وجمالا، كذلك امنا العذراء يفوح منها عطر قداستها وشفاعتها سماء الكنيسة المقدسة والعالم اجمع
.
في هذا
الشهر يظهر المؤمنون عاطفتهم البنوية للبتول مريم، وهي بدورها تظهر عاطفة الامومة لكل من اتخذها شفيعة واحتمى بكنفها فهي ملجأ الجميع
.وفي كل مساء من هذا الشهر، تدعو الكنيسة المؤمنين للقاء العذراء، ام المؤمنين لكي يرتلوا لها اناشيد الفرح وصلاة الوردية وطلبة العذراء والقراءات المخصصة لشهر العذراء مريم
.
تجديد الخليقة بواسطة مريم
ورد في الفصل الثالث من سفر التكوين، ان الله غضب على الانسان، في شخص ابوينا الاولين، بسبب المعصية وارتكاب الخطيئة الاصلية، ففرض على الخليقة سنّة الشقاء والمرض والموت. واذا كان ادم وحواء اصل البشرية، فقد اورثا هذا العقاب الالهي لكل البشرية.لكن الله، وهو الاب الغفور الرحيم وعد بمخلص يولد من امرأة تخرج من رحم حواء الاولى، فتسحق بقدميها شيطان المعصية وتكون حواء الخلاص... هذه معاونة لآدم الجديد الذي يعمل على تجديد الكون ورفع اللعنة التي استوجبتها خطيئة الانسان الاولى، ويقود البشرية الى الله. وكانت حواء الجديدة الأم التي اتخذ المخلص طبيعته البشرية منها، فصار انسانا كاملا وحل بيننا وعاش مع البشر فاحبهم وأنار لهم السبيل للعودة الى الله أبيهم، وختم حياته بالموت على الصليب من اجل خلاصهم. وكانت حواء الجديدة "مريم" تتابع خطى ابنها في تجديد الخليقة واصلاح المسيرة يوما بعد يوم، منذ قبلت بشارة الملاك الى يوم وقفت تحت الصليب مشتركة بذبيحة ابنها وفداء البشرية.
حواء الاولى تحدت الله رافضة وصاياه... اما الثانية فخضعت لله وحققت مخططه الخلاصي... الاولى ابتعدت عن الخالق فابعدت عنه البشرية ... اما الثانية فقرّبت السماء من الارض ورفعت الارض الى السماء.
فالشكر لمن تجددت الخليقة بواسطتها ولنكرّمها، لا في هذا الشهر المخصص لها فحسب ولكن في جميع ايامنا لتنظر الينا نظرة حنان وتسبغ علينا نعمها وتكمل معنا وفينا رسالتها رسالة الحب والخير والخلاص . آمين.
ميراي عوض