ثمة رجال لا يتسع لها المكان، أدوارهم اكبر من ألقابهم، نفوذهم أوسع من مواقعهم، وأحلامهم بحجم أوطان ... انه الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ما كان بحاجة للاستشهاد ليدخل التاريخ من بابه العريض، اخطأ قاتلوه وباعتقادهم أنهم حذفوه من المعادلة. أما استشهاده غيّر مسار بلاد ٍ فكان بداية لفصل جديد في حياة شعبٍ يتعطش للحرية ويهتف للسيادة والاستقلال عن نظام كشّف عن أنيابه وطغى بعنفه لأكثر من 30 عاماً.
في 14 شباط عام 2005 ومع قرابة الثانية عشر ظهراً دوّى انفجار في بيروت. الكثيرون منهم اعتبروا آن جريمة اغتيال الرئيس الحريري هي جريمة العصر حيث تم استعمال 2,5 طن من مادة تي. ان. تي لتنفيذها وقضى فيه إلى جانب رئيس الحكومة الوزير والنائب السابق باسل فليحان و22 شخصاً آخرين.
لم تجفّ بعد دموع أمهات الشهداء وما زالت مشاهد ذاك النهار في ذاكرة اللبنانيين. فلم يكن اغتيال الحريري مسك ختام لسنوات من الظلم والإجرام فاستمرت بعدها سلسلة من الاغتيالات لشخصيات قوى 14 آذار كان أخرها اغتيال الوزير محمد شطح في بداية هذا العام لكي لا ننسى ذاك الكأس المرّ.
واليوم بعد 9 سنوات على اغتيالك يا رفيق.. المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان قد إنطلقت وتبدأ جلساتها... الكثيرين راهنوا على فشلها فتخطت العديد من المشاكل والصعوبات من التمويل إلى تغيير المحققين... الخ الخ
إلا أن العدالة والحق قالا كلمتهما لتبدأ تلك الجلسات وتكشف للبنانيين وللعالم خبايا تلك الجريمة وأسرارها بانتظار تحرك القوى الأمنية لإلقاء القبض على المشتبه فيهم: مصطفى بدر الدين (52 عاماً) وسليم عياش (50 عاماً) وحسين عنيسي (39 عاماً) وأسد صبرا (37 عاماً) المتهمان بتسجيل شريط فيديو مزيف تضمن تبني الجريمة باسم مجموعة وهميّة أطلقت على نفسها "جماعة النصر والجهاد في بلاد الشام".
ولن يغمض جفن العدالة قبل أن تتحقق وتنصف الشهداء الأبرار.
وكما قال الدكتور سمير جعجع في ذكرى الاستشهادك منذ عامين: "يا أبا بهاء اغتيالكم أخرجهم من التاريخ و قريباً يخرجون من الجغرافيا .... نمّ قرير العين فانهم على ايدي شعوبهم بالذات يحاسبون"