"مبنى - ب-" في سجن روميّة إمارة داخل الدولة
تحقيق FEB 12, 2015
حين تتحوّل السجون من مقرّ لحجز مخالفي القانون ومعاقبتهم حسب جرمهم وتتبع برامج محدّدة لتنظيم الحياة داخله وإيواء المجرمين في حرمه، ل"زريبة" يدخلها السجين فتسقط أبسط حقوقه الإنسانية، دون أي تنظيم أو ضبط لحياة السجناء اليوميّة. فيصبح السجن معهداً يخرّج مجرمين بدل من إعادة تأهيلهم أو إصلاحهم.
 
هكذا هي حال سجن رومية بشكل عام، لكن الأزمة الحاصلة كانت في المبنى -ب- من هذا السجن حيث زُجّ الإرهابيون من الطراز الرفيع، فتحوّلت زنزاناتهم إلى غرف عمليات ترسم المخطّطات على جدرانها، وتعطى التعليمات إلى خارجها فيتلقاها المنفّذون.
بقيت أسرار هذا المبنى كالألغاز، غير واضحة، إلى حين دخوال القوى الأمنية المبنى ومداهمة الطابق الثالث منه، حيث يتمركز ويتحصن بداخله إرهابيين من فتح الإسلام وجبهة النصرة وداعش.
 
 

 
لم يواجه العناصر الأمنية أي مقاومة أو مجابهة في الطابقين الأول والثاني، وعند الوصول إلى الطابق الثالث استخدم المساجين قطع حديد وقطع برادات وغسالات لإقفال الطريق وأشعلوا النيران. بعد المواجهة واقتحام المبنى، بانت الأسرار والألغاز واضحة ومرئيّة.
 
من أين اتت بالأساس قطع البرادات والغسالات التي استخدمت بقطع الطريق على العناصر المذكورة؟! ولكن الصدمة تكن من ما وُجد داخل ذلك الطابق:
أمير على الإسلاميين المسجونين يأمر عليهم، غرفته خاصة طبعاً ومميّزة، من حيث النظافة والحجم والمحتويات كالمكيّف مثلاً ! ويعيش الأمير في مملكته، مزوداً بالحرية الكافية لاطلاق احكام  تناسب مزاجه، فقد اصدر حكم الإعدام لإثنان من المساجين لمخالفتهم أوامره.
ويتضمن الطابق صالوناً صغيراً يحوي كرسياً جلدياً ومرآة وعدة للحلاقة. كما وغرفة مجهّزة بوسائل اتصال وأجهزة تلقي "Receivers" وتلفاز، وجهاز إنترنت لاسلكي، وهواتف، وشرائح إلكترونية.
 
 
أمّا المفارقة والمفاجأة، فقنابل ومتفجرات مصنوعة يدوياً، كما وجعب مطرّزة  استُعملت بصناعتها أكياس للحماية من الصدمات والرصاص المطاطي. ويصادف في الزنزانات ايضاً ألبسة نسائية كالحجاب بهدف تهريب الأشخاص خلال مواعيد الزيارات.
كل هذه الويلات وُجدت في سجن يفترض أن يكون محصناً لمعاقبة المجرمين، فأصبح حصناً لهم وقصراً يحركون فيه عملياتهم الإرهابية على صعيد الوطن.
 
إن الخطوة التي اتخذتها وزارة الداخلية مشكورة، ولكن السؤال يبقى: كيف وصل الطابق الثالث من المبنى -ب- في سجن رومية إلى هذه الحال، ومن يتحمّل مسؤولية الإهمال القاتل الذي حصل؟ والأهم هو من يعوّض على اللبنانيين العمليات الإرهابية التي استهدفتهم والتي تبيّنت علاقتها بالعناصر الموجودة في السجن حيث يفترض أن تكون معزولة عن المجتمع التي فرغت اجرامها على طول مساحته؟ ما نفع إلقاء القبض على المجرمين إن أتيح لهم ممارسة نشاطهم الإجرامي في دهاليز السجون، فحتى السجون باتت غير آمنة وخارج سيطرة الدولة.
 

 
عسى أن تكون هذه الخطوة مقدّمة لإحكام السيطرة على الخارجين عن القانون وسلطة الدولة وخصوصاً المتربصين بأمن مجتمعنا، الجماعات المسلّحة من طرابلس إلى البقاع، فبيروت والضاحية الجنوبية، دون استثناء!

 
 
 
تحقيق FEB 12, 2015
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد