كلمة رئيس المصلحة

رفاقي الطّلاب،

أتوجّه إليكم اليوم لأدعوكم كي نتشارك سويًّا في هذه الرّحلة التي نتحضّر للغوص بها. إنّ صوت الشّباب الذي غيّر مجرى الأحداث آلاف المرّات، انفجر غضبًا في ساحات لبنان من شماله الى جنوبه. والذي يعرف التّاريخ، يُدرك أن لا شيء ينتصر على حناجر الشّباب الصّارخة للحقّ.

أتوجّه إليكم وأنا كلّي ثقة، بأنّ صوت الشّباب اللّبناني الذي تجسّد في حراك شعبه، سينتصر على ظلاميّة هذه السّلطة. أتوجّه إليكم، لأنني أعرف معدنكم، نخوتكم، صلابتكم، ومدى محبّتكم للبنان. أدعوكم للإنخراط معنا في صناعة مستقبل هذا المجتمع، لأنّ مصلحة الطّلاب في القوّات اللّبنانيّة، ليست بجديدةٍ على الحركة النّضاليّة. بل، هي التي كانت في قلب أحداثها منذ تأسيس القوّات.

أدعوكم، لأنّنا من مدرسةٍ تؤمن بأنّ مصير الشّعوب تكتبه الشّعوبُ نفسها، وأنّنا اخترنا دومًا المشاركة بدلًا من المشاهدة، والحركة عوضًا عن الجمود، والإنخراط بالأحداث لصناعتها، بدلًا من التّفرّج عليها. أدعوكم اليوم، لأنّ فسحةً من الأمل في بناء دولةٍ تشبه أحلامكم وآمالكم وتطلّعاتكم، قد بانت، ولأنّ مخّاضًا فكريًّا وسياسيًّا وأخلاقيًّا سيبدأ في مجتمعنا، وستكون مدارسكم وجامعاتكم مسرحًا له. أدعوكم، لنحلم معًا، لنتحرّك معًا، لنفكّر معًا، لنبني معًا، لننجح ونفشل معًا، ليكون لدينا جرأة المحاولة من جديد، والوقوف بصلابةٍ بعد السّقوط.

أدعوكم للمناقشة برصانة، والبحث الدّائم عن الحقيقة، لتقبل الرّأي الآخر واحترام الإختلاف بيننا. أدعوكم للدّفاع عن معتقداتكم، وحقّكم بالحرّية حتى الرّمق الأخير. أدعوكم للإيمان بقدرتكم على صنع الفرق، كلّ الفرق، وعلى تغيير كلّ المعادلات البالية.

أدعوكم وبكلّ صراحة، للإنضمام إلى الحركة الطلّابيّة القوّاتيّة، إلى هذا التّنظيم القادر بالفعل، على مواكبة المرحلة القادمة على لبنان. إنّ ما نحلم بتحقيقه على المستوى الطّلّابيّ، الحزبيّ أو الوطنيّ، يتطلّب بالدّرجة الأولى قرارًا منّا. قرارًا بأن نكون في المقدّمة، ونحمل القضيّة بأمانة. أن نتعاطى الشّأن العام بشفافيّة ونظافة، وأن يكون تعاملنا مع بعضنا برفاقيّة وروحيّة عملٍ أخويّ. يتطلّب قرارًا بالإبتعاد عن العصبيّة العائليّة والقبليّة والجغرافيّة والذّكوريّة والطّبقيّة. قرارًا بالمواجهة حيث تجب المواجهة، والتّحضير والتّنظيم، حين يجبان.

رفاقي الطلاب،

أعرف أنّنا ندخل العقد الثّاني في الألفيّة الثّانية، ولبنان بخطرٍ على المستويات كافّةً. أعرف أن وضعكم الإقتصاديّ ليس بخير، وأنّ وضعكم التّعليمي في دائرة الخطر، وأنّ الهجرة تحصد الكثير من صفوفنا، وأن البقاء والنضال أصبحا أصعب وأصعب. غير أنّني أعرف أيضًا، أنّنا جيلٌ نعشق التّحدّي، ونندفع للمواجهة بكلّ ما أوتينا من قوّة، وأنّ رزمة القصب، أقوى من فرديّتها.

فأعاهدكم عهدًا سأحمله في العامين القادمين معكم، وأعدكم بإسم مكتب مصلحة الطّلّاب، أن ننصت لصوتكم كلّما احتجتم، فنرافقكم في مساعيكم ونحمل همومكم، ونرفع الصّوت حين تكون حقوقكم في خطر، ونتحرّك معكم في نضالكم. وأعدكم ألّا نترك فرصةً بدون أن نخطو إلى الأمام فيها، وأن نتبنّى القضايا الإجتماعيّة التي تعنيكم، وأن نتقدّم في عصر التّكنولوجيا والحداثة بنظرةٍ ثاقبة، وأن نولي شأن تطوير قدراتكم كلّ الإهتمام، كي تكونوا رسلاً قادرين في زمن البشارة الفكريّة.

في الختام، لا يمكن أن أنجح في أي مسعىً بدون تكاتف جهودكم جميعًا، وبدون أن نترفّع كلّنا عن الصّغائر، ونعرف أنّه لا أفضليّة لأحدٍ على آخر، سوى بمدى تفانيه في خدمة الجماعة، ولا نجاح لفردٍ على حساب المجموعة، ولا نجاح للمجموعة على حساب الأفراد فيها،

فنتكامل معا، مؤسّسةً وأفردًا، في خدمة مجتمعنا الأكبر.

رفيقاتي رفاقي،

أدعوكم أن تتقدّموا فورًا، وبدون أيّ تردّدٍ وتأخير، لنتحمّل معًا مسؤوليّاتنا، ونعمل معًا على رسم مستقبلنا بأيدينا، لأنّنا "سوا أقوى"، ولا شيء يقوى علينا.

 

طوني بدر